ختام وفيه مطلبان :

المطلب الاول : في ذكر أمور هي من المعروف :

منها : الاعتصام بالله تعالى ، قال الله تعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) وقال أبوعبدالله عليه السلام : " أوحى الله عز وجل إلى داود ما اعتصم بي عبد من عبادي ، دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ، ثم تكيده السماوات والارض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن " .

ومنها : التوكل على الله سبحانه ، الرؤوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحه والقادر على قضاء حوائجهم . وإذا لم يتوكل عليه تعالى فعلى من يتوكل أعلى نفسه ، أم على غيره مع عجزه وجهله ؟ قال الله تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) وقال أبوعبدالله ( ع ) : " الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع من التوكل أوطنا ".

ومنها : حسن الظن بالله تعالى ، قال أمير المؤمنين عليه السلام فيما

ــ[355]ــ

قال : " والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لان الله كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن، ثم يخلف ظنه ورجاءه ، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه " .

ومنها : الصبر عند البلاء ، والصبر عن محارم الله قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث : " فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا " وقال أمير المؤمنين عليه السلام : " لا يعدم الصبر الظفر وإن طال به الزمان " ، وقال ( ع ) : " الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن جميل ، وأحسن من ذلك الصبر عندما حرم الله تعالى عليك " .

ومنها : العفة ، قال أبوجعفر ( ع ) : " ما عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج " ، وقال أبوعبدالله ( ع ) : " إنما شيعة جعفر ( ع ) من عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر " عليه السلام .

ومنها: الحلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " ما أعز الله بجهل قط . ولا أذل بحلم قط " ، وقال أمير المؤمنين ( ع ) : "أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل " وقال الرضا ( ع ): " لايكون الرجل عابدا حتى يكون حليما".

ومنها : التواضع ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر خفضه الله ، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله ومن بذر حرمه الله ، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله تعالى " .

ومنها : انصاف الناس ، ولو من النفس قال رسول الله صلى الله عليه

ــ[356]ــ

وآله : " سيد الاعمال انصاف الناس من نفسك ، ومواساة الاخ في الله تعالى على كل حال " .

ومنها : اشتغال الانسان بعيبه عن عيوب الناس ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " طوبى لمن شغله خوف الله عزوجل عن خوف الناس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين " وقال صلى الله عليه وآله : " إن أسرع الخير ثوابا البر ، وإن أسر الشر عقابا البغي ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه ، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه " .

ومنها : إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : " من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته ، ومن عمل لدينه كفاه الله دنياه ، ومن أحسن فيما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس " .

ومنها : الزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها ، قال أبوعبدالله عليه السلام : " من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وانطلق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام " ، وقال رجل قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إني لا ألقاك إلا في السنين فاوصنى بشئ حتى آخذ به ؟ فقال ( ع ) أوصيك بتقوى الله ، والورع والاجتهاد، وإياك أن تطمع إلى من فوقك وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وآله ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) وقال تعالى: ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ) فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله صلى الله عليه وآله فإنما كان قوته من الشعير ، وحلواه من التمر ووقوده من السعف إذا وجده وإذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط " .

ــ[357]ــ

المطلب الثاني : في ذكر بعض الامور التي هي من المنكر :

منها : الغضب . قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " الغضب يفسد الايمان كما يفسد الخل العسل " وقال أبوعبدالله : " الغضب مفتاح كل شر " وقال أبو جعفر عليه السلام : " إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار ، فأيما رجل غضب على قومه وهو قائم فليجس من فوره ذلك ، فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان ، وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه ، فإن الرحم إذا مست سكنت " .

ومنها : الحسد ، قال أبوجعفر وأبوعبدالله ( ع ) : " إن الحسد ليأكل الايمان كما تأكل النار الحطب " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لاصحابه : " إنه قد دب إليكم داء الامم من قبلكم ، وهو الحسد ليس بحالق الشعر ، ولكنه حالق الدين ، وينجي فيه أن يكف الانسان يده ، ويخزن لسانه ، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن " .

ومنها : الظلم ، قال أبوعبدالله ( ع ) : " من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده " ، وقال ( ع ) : " ما ظفر بخير من ظفر بالظلم ، أما أن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم " .

ومنها : كون الانسان ممن يتقى شره ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم " ، وقال أبوعبدالله ( ع ) : " ومن خاف الناس لسانه فهو في النار " . وقال عليه السلام : " إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه " ولنكتف بهذا المقدار .

والحمد لله أولا وآخرا ، وهو حسبنا ونعم الوكيل

ــ[358]ــ